بوابة الخيمة

editor

تحاليل سياسية
عين على دارفور
نيكولاس كريستوف


الإبادة الجماعية بطبيعتها يمكن أن تبدو السلوك البشري الأدنى. ولكن في دارفور نرى الابادة الجماعية التي تصبح أسوأ.

تنطوي اتفاقية السلام الخاصة بدارفور الموقعة يوم الخامس من مايو (أيار) الماضي على شعاع امل في بلد يائس. ولكن على الأرض لا تلبية لمواعيدها النهائية، والأمن يتدهور، والعنف ينتشر من السودان الى تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى.

يتمثل أحد المعايير حول الوضع الذي بات مروعا في تشاد في أن ما لا يقل عن 15 ألف قروي هربوا الى دارفور.








وفي جزء واسع من منطقة الحدود التشادية، فان الغربيين الوحيدين الذين لديهم ما يكفي من الشجاعة (ومن الجنون أيضا) للبقاء هم الأطباء الفرنسيون العاملون مع منظمة «أطباء بلا حدود»، وهو ما يستحقون عليه التقدير.

وخلال الأشهر الستة الماضية فقط، خسرت منظمات الاغاثة شرق تشاد 26 عربة على يد الخاطفين المسلحين. وأطلقت النار على امرأة اسبانية تعمل مع اليونيسيف في مايو الماضي عندما سرقت سيارتها، وشوهدت السيارة في وقت لاحق في السودان، وهي تسير عبر نقاط التفتيش الحكومية. وفقدان الأمن هذا يضع وكالات الاغاثة في موقف صعب، ذلك انهم لا يريدون المخاطرة بحياة موظفيهم وتعريضهم الى القتل أو الاغتصاب، غير انهم اذا ما انسحبوا فان آلافا من اهالي دارفور سيواجهون الموت.


وقال يان اينغلاند مساعد الأمين العام للأمم المتحدة «لا نستطيع ان نستهين بحياة موظفينا. ان موظفينا الميدانيين في وضع يائس على نحو متزايد».

وأضاف «أعتقد أننا نتجه نحو فوضى شاملة. هل سنواجه انهيارا في غضون تسعة أيام أم تسعة أشهر أم تسع سنوات؟ لا أعرف. ولكن الوضع لا يطاق».

وتتمثل احدى المشاكل في ان بنود اتفاقية السلام الخاصة بدارفور لا يجري تنفيذها في الواقع حتى الآن. وفي غضون ذلك، اثارت توترات بين القبائل الأفريقية التي تعتبر ضحية لأعمال الابادة الجماعية. وتعارض قبيلة فور، وهي واحدة من أكبر القبائل في الإقليم، في معظمها الاتفاقية، ولهذا كان هناك قتال بين قبيلتي فور وزغاوة، التي وقع رئيسها الاتفاقية.

وقال موفد الأمم المتحدة الخاص الى السودان يان برونك في موقعه على الإنترنت ان «هناك خطراً كبيراً في أن تنهار اتفاقية السلام الخاصة بدارفور. فالاتفاقية لا تجد ترحيبًا من جانب أهالي دارفور. انها لم تمت بعد، ولكنها مشلولة تماما».

وفي الوقت نفسه، فإن السودان ما زال يرفض استقبال قوات حفظ السلام الدولية بينما لا نجد المجتمع الدولي على استعداد كي يضغط باتجاه فرض هذه القوات في دارفور. وكان روبرت زوليك ومايكل جيرسون، المسؤولان الأميركيان الأكثر أهمية في إدارة الرئيس بوش فيما يخص قضية دارفور، قد أعلنا استقالتهما، لذلك فإن هناك فراغا في واشنطن أيضاً. على بوش أن يعالج هذا الفراغ عن طريق تعيين مبعوث رفيع المستوى له متفرغ لهذه الأزمة. سيادة الرئيس ماذا لو تدعو جيمس بيكر أو كولن باول لهذه المهمة؟

أثناء حديثي مع خبراء حول دارفور خلال السنوات الثلاث الأخيرة، التقيت بالمتشائمين والمتفائلين منهم. لكن حالياً أصبح عسيراً العثور على متفائل. وأصبح الاختلاف محصوراً تجاه وجهة نظر واحدة ترى أن الأزمة ستتعمق بسرعة قريباً بحيث سيموت بسببها ما يقرب من 100 ألف شخص شهرياً إلا إذا تم إحياء اتفاقية السلام.

هناك إجراءات محددة استطيع اقتراحها. نحن بحاجة إلى توسيع اتفاقية السلام لضم قبيلة فور إليها ونحن بحاجة إلى التوثق من أن تنفيذها يكون ضمن الموعد النهائي المثبت لها. نحن بحاجة إلى قوة حماية تابعة للأمم المتحدة أو بقيادة فرنسية شرق تشاد. ونحن بحاجة إلى تعزيز الوحدة التابعة لمنظمة الوحدة الأفريقية الموجودة حالياً في دارفور مباشرة والضغط على السودان كي يقبل بدخول قوة حفظ السلام الدولية. نحن بحاجة إلى منطقة حظر جوي. كذلك علينا أن نضغط على الأوروبيين كي يصبحوا طرفاً مشاركاً وتذكير العرب بأن قتل مئات الآلاف من المسلمين في دارفور يتطلب الاحتجاج أيضا.

لكن قبل كل شيء، يجب وضع حد لحملة الإبادة الجماعية ضمن الاجندة الدولية. هناك درس من التاريخ يفضل زعماء العالم تجاهله والمتمثل في تجاهل عمليات الإبادة الجماعية، لكن حينما يفرض عليهم مواجهة الفظائع مثلما حدث في البوسنة وكوسوفو فإنهم يبادرون بتدارس طرائق للرد عليها. والحاجة الأكثر إلحاحا هي ليست وضع سياسات بل توفر الإرادة السياسية.

لذلك، فأنا اقترح ما يلي: دعونا نرسل عدة طائرات نقل تقوم بحمل جثث مئات الضحايا من دارفور وتشاد إلى الامم المتحدة. ويمكن دفن هؤلاء الضحايا في واحدة من الولايات الأميركية تذكيرا بلا مبالاة العالم وللتذكير بأنها أول إبادة جماعية وقعت في القرن الواحد والعشرين.

من موقع مؤسسة الذاكرة العراقية
http://www.iraqmemory.org/inp/view.asp?ID=434

 
 روابط ذات صلة
· زيادة حول تحاليل سياسية
· الأخبار بواسطة editor


أكثر مقال قراءة عن تحاليل سياسية:
عرض كتاب


 تقييم المقال
المعدل: 3
تصويتات: 7


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ


 خيارات

 صفحة للطباعة صفحة للطباعة