بوابة الخيمة

editor

تحاليل سياسية اسم الكتاب : أسرار اختفاء صدام
تأليف / ممدوح مهران
دار النشر : مؤسسة النبأ - مصر
تاريخ الإصدار: مايو 2003م

عرض / ربيع عتمان

يقول المؤلف في مقدمة هذا الكتاب
اخترت لهذا الكتاب هذا الاسم " أسرار اختفاء صدام " بالذات ، ليس لأن الاسم هو الأكثر إثارة للقراء الذين يضربون أخماساً في أسداساً بحثاً عن إجابة لأهم سؤال شغل الجميع خلال هذه الفترة ، ولكن لأن الاسم يغوص في أعماق أبعد من هذا البعد السطحي .


ويقرر المؤلف أن اختيار هذا الاسم بالذات يهدف إلى مخاطبة عقول أهل الرأي لكي نستنهض جميعاً كل هممنا ونقد زناد أفكارنا ، في محاولة جادة للوصول إلى التداعيات التي قادت إلى هذا الاختفاء المفاجئ ، ليس لجميع أركان نظام حكم صدام ولا إلى إنهيار جميع مظاهر الدولة من الرئيس إلى الخفير .. ولكن لكي نقف على الأسباب التي أدت إلى ذلك لكي نستخلص الدروس والعبر التي يستفيد منها الحكام والمحكومين العرب ، بكل تصنيفاتهم في تعاملهم مع المستقبل الذي يخبيء لأمتنا ما هو أسوء ..
الفرصة الضائعة
يرى المؤلف أن المشكلة بدأت من عند اللحظة التي راحت الولايات المتحدة تبحث فيها عن سبيل لقطع الطريق على تكرار ما حدث في 11 سبتمبر مرة أخرى ... وكان أول ما قفز إلى مقدمة الرأس الأمريكي هو : تكاتف كل القوى المحبة للسلام لتضع نهاية للإرهاب ... كان هذا هو العنوان الكبير الذي كان ينبغي أن تخلص كل القوى في تقنين كل ما هو وارد تحته من تفاصيل .. ونجحت عصابة الأشرار في البيت الأبيض المتواطئة مع شارون أن تقنع بوش بأن يجعل من الأمة العربية والإسلامية بدلاً من الشريك الضحية – وللأسف – راح يبني كل المواقف على هذا الأساس وضاعت الحقيقة ..وراحت العصابة تبحث عن كبش فداء وجدته في الأمة العربية والإسلامية ، للبدء في تحقيق حلم إسرائيل الكبير من الفرات إلى النيل .
نعم . ضاعت الحقيقة بالشكل الذي بات معه من المؤكد أن يشهد العالم في المستقبل القريب والبعيد على حد سواء العديد من مثل هذه العمليات العشوائية التي ليس هناك من يستطيع أن يردعها مهما كانت أسباب القوة التي يمتلكها في مواجهتها بعد أن تداعت الأمور إلى هذا الحد .
إن أمريكا الآن بما تفعل مثل الفلاح المجتهد مع اختلاف القصد .. فهو يسمد الأرض لتعطي أطيب الثمار ، وهي تسمدها لتعطي أعنف أنواع الإرهاب .. إن الجذور الحقيقية للإرهاب والتي يجب اقتلاعها إلى غير رجعة هي الظلم الذي يعاني منه الآخرون ، كما قالت أمريكا نفسها في بداية مأساتها التي راحت إسرائيل توظفها بالكامل لمصلحتها إلى الحد الذي يمكن أن يجعلنا نقول إنها المستفيد الوحيد منها..
وعندما نقتلع الظلم سنقضي على السبب الرئيسي للإرهاب .. فلم تعد هناك الجذور المدفونة تحت الأرض والتي يمكن أن تفرخ إرهاباً جديداً ، سرعان ما يطل علينا فوق السطح ، ثم نزرع مكانه جذور العدل التي سرعان ما تنتج شجرة وارفة الظلال .. يستفيد الجميع بظلها وأطيب ثمرها ، وعلى رأسهم الولايات المتحدة نفسها ..نعم العدل هو أقوى أسلحة مواجهة الإرهاب ، بل هو السلاح الوحيد .
إن أمريكا – مع التحليل العلمي السليم والرؤية الصائبة – ليس أمامها سوى طريقين اثنين لا ثالث لهما .. الطريق الأول هو : أن تأتي على الأخضر واليابس في كل بلاد العرب والمسلمين إن استطاعت .. أي أن تصنع بأسلحة الدمار الشامل الذرية والكيماوية والبيولوجية محرقة جديدة تتخلص فيها من كل ما هو عربي ومسلم .. ليس ذلك فحسب ، ولكن تتخلص معهم من كل من يمكن أن يكون له لسان ينتقد أمريكا أو ينطق بكلمة حق .. وإذا فعلت ذلك فلمن تبيع وممن تشتري ؟ وأين تستثمر ؟ وبذلك فإنها لا تكون قد عمدت إلى تدمير العرب والمسلمين ، ولكن إلى تدمير مصالح أمريكا ذاتها وبالتالي تدمير أمريكا معها .
أما الطريق الثاني : فهو طرق إقامة العدل وعدم الانحياز للظلم ، وهو الطريق الذي يحفظ لأمريكا كل مصالحها ويعظم من شأنها .
فإذا ما كان من رابع المستحيلات النجاح في تحقيق الهدف من خلال الطريق الأول .. إذن فإن أي جهود تبذل في اتجاه هذا الطريق من قتل وتشريد وتدمير مهما بلغت ذروتها فلن تأتي بالنتيجة المرجوة لها ، الأمر الذي يحتم على الجميع أن يسيروا في طريق الخيار الثاني .. خيار إقامة العدل .. فهو الذي يحقق السلام والأمان والاستقرار للجميع دون استثناء .. ويعيش العالم في تعاون وتبادل للمصالح والمنافع ، مما يصنع للجميع المزيد من الرفاهية والرخاء .
الفرصة المأزق
لقد أصبحت المنطقة على حافة الهاوية ... وأصبح القول الفصل فيها ليس هو قول صاحب الفعل ، الذي بذل جهوداً مستميتة لأن يلقي بالمنطقة – بما فيها هو إلى الهوة السحيقة .. ولكن أصبح القول الفصل هو قول صاحب رد الفعل الذي على أساس من تعامله من الفعل يمكن أن تتحدد النتائج .. هل تهوي المنطقة إلى قاع سحيق ، أم ستظل على حافة الهاوية إلى أن يعيد الجميع حساباتهم بالشكل الذي يحقق التوازن الذي يحقق مصالح الجميع ؟ وكان رد الفعل – للأسف – في اتجاه يريده الفعل بفضل الطريقة التي تعامل بها الحكم العراقي مع الأزمة؛ بسبب غياب الآلية العربية اللازمة إن وجدت يمكن إعادة ترتيب كل شيء من جديد .
إن أي صراع له طرفان وليس طرف واحد ... لذلك فإن إدارة هذا الصراع لها مديران وليس مدير واحد .. مثل الكرة تماماً كل فريق له مديره الفني الذي يحدد خطط لعبه ، وكل منهما يدير المباراة حسب نظرية الفعل ورد الفعل ، بحيث تصبح العلاقة بين الفعل ورد الفعل علاقة تفاعلية ، تتفاعل فيها كل وجهات النظر ... ولكن للأسف .. فإن فريقنا العربي ..تحول كل لاعب فيه إلى مدير قائم بذاته ، فتداخلت الأدوار ، وتعارضت الإدارات والإرادات وحدثت الكارثة ، وما حدث في العراق ليس إلا نتيجة ... والبقية في الطريق إن لم نستوعب الدرس ونأخذ حذرنا .
الوضع العربي
نعم ... نحن في زمن " الفتنة العالمية الكبرى" التي اختلطت فيها كل الأمور ، عمداً مع سبق الإصرار ..كل الأطراف تعرف إلا نحن العرب والمسلمين؛ فما زلنا منقسمين .. يتصور بعضنا أن " الذئب " سيتركه يلتقط ما تبقى من عشب؛ وأنه حصل منه بذلك على وعد .. وبعضنا يدرك فداحة ما ينتظرنا ، وشدة حرصه تدعونا إلى التعجيل بخطانا قبل أن يفترسنا – حتماً – أيضاً كل من تصور أنه سيبقى عليه .. وبعضنا يرى النجاة في التريث وأن نتعامل مع الموقف بما يتطلبه؛ حتى نحقق النجاة للجميع .. أولئك الذين مازال مخدوعين في أن " الذئب " سيرحمهم مقابل تمكينه أو غض الطرف عنه ، وهو يفترس أشقاءهم ..
ولكن رغم كل هذه التداخلات .. ورغم كل هذه التداعيات ، ورغم كل هذه الغيوم ، ورغم اختلاط الحابل بالنابل ، تبقى واضحة أمامي مجموعة من الحقائق التي لا تعرف أدنى إلتباس :
أولها : أن هناك ظلماً واضحاً يقع على الأمة العربية والإسلامية .
وثانيهما : لابد من استمرار ما هو متبع من سياسات القطب الأول الآن ، وما يمكن أن يكون على شاكلته من ممارسات العالم متعدد الأقطاب الذي يتشكل الآن في رحم الزمان القريب جداً – أن تنتشر الفوضى ؛ كرد فعل لانتشار الظلم .
ثالثهما : أننا لسنا ميداناً لضرب النار .. كما أننا لسنا لوحة " تنشين " ولكننا في نظر القوى العالمية الكبرى – نحن الصيد الثمين الذي يتهافت عليه جميع المتصارعين؛ كل يريد أن يحص على نصيب الأسد مهما اختلفت وتعددت إلى ذلك وسائله ، وليس تباين مواقف الدول الكبرى حول اقتسام الغنيمة عنا ببعيد .
رابعهما: كل هذه القوى المتصارعة ليس فيها من هو معنا ، وليس فيها من هو ضدنا ... ولكن فيها من هو مع مصالحه ويتوافق أو يتصادم معنا بقدر ما يستطيع أن يحقق من هذه المصالح ... وعلينا أن نحتمي ببعضنا خلف " باب دارنا " ؛ حتى لا يصبح أيُ منا الجيفة التي يخلفها الذئب بعد التهامه ما لذّ وطاب من الفريسة ... ولكن على الأقل نتحول إلى شركاء لو لم يكن لنا نصيب من الغنائم فندرأ ما يمكن أن يلحق بنا من خسائر .
خامسهما أن زمن القطب الأوحد الذي أطل علينا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي كان لحظة مؤقتة في التاريخ ، وأصبحنا الآن أمام زمن القطب الأول الذي تحيط به مجموعة من الأقطاب الصاعدة ..
حكمة التاريخ
إن المشهد الذي ظللت أمامه شاخصاً يوم 9 أبريل 2003 هو رسالة إلى الجميع .. رسالة إلى الإنسانية جمعاء .. كان هذا المشهد في أحد ميادين بغداد .. حيث تمثال بارتفاع ستة أمتار يجسد شخص ونظام صدام ومجموعة من جنود الاحتلال وصلوا إلى هذا الميدان ، ممثلين لأقوى دولة في العالم تمتلك كل وسائل الدمار التي اقتحموا المكان في حمايتها بوحشية ألقت على المدينة – التي يوجد بها التمثال – آلاف الأطنان من الأسلحة الفتاكة التي استهدفت أهلها وحضارتها ومنشآتها في موجة تدمير كامل لشعب عريق وحضارة عريقة ، وكان الطرف الثالث في هذا المشهد الذي جمع التمثال وجنود الاحتلال مجموعة من شباب أمة العرب والمسلمين في بغداد العراق .. بغداد عاصمة الخلافة الإسلامية ... رمز المجد والعزة ..
وعندما سقط التمثال .. هلل واحتفى بسقوطه كل العراقيين الذين كانوا مجتمعين في هذه اللحظة نيابة عن بغداد والعراق ، وكل شعوب الأمة العربية والإسلامية في بلاد الأرض قاطبة إلى حد أنهم جروا رأسه على الأرض وهم يدوسونه بأحذيتهم ، هذا المشهد الذي يجسد الحاضر .. يستدعي في نفس الوقت ، ويقدم نبوءة المستقبل الذي سيحدث رغم كل محاولات تزويره .
أسرار اختفاء صدام
كل الأنباء المعلنة والأسرار الخفية غير المتداولة التي تجيب على كل الأسئلة الحائرة حول الاختفاء المفاجئ للرئيس العراقي " صدام حسين " وأركان قيادته وقوات الحرس الجمهوري والقوات المسلحة وفدائي صدام وجميع مظاهر الدولة ... كل المعلومات المؤكدة تجمع على أن هناك صفقة عقدت بليل .. لم تخذل بغداد وحدها أو العراق بجميع أهله ، ولكنها خذلت الأمة العربية والإسلامية ، التي راحت شعوبها تعلن التطوع بعشرات الآلاف ؛ للالتحاق بفصائل المقاومة ، وراح كل عربي ومسلم يدبر أمره فيما يمكن أن يبذله من مال أو جهد أو فكر ؛ لتظل شعلة المقاومة مرفوعة إلى أن تندحر فعلاً على أسوار بغداد أطماع الاستعمار في أمتنا عقيدة ومقدرات ..
ولكن في جميع الأحوال فإن مرحلة جديدة قد بدأت في تاريخ العراق والأمة العربية ، لا أحد يعرف ماذا يخفي لنا فيها الزمن .. ولكن كل شيء سيتوقف على الطريقة التي ستتصرف بها الدول العربية شعوباً وحكومات ..






 
 روابط ذات صلة
· زيادة حول تحاليل سياسية
· الأخبار بواسطة editor


أكثر مقال قراءة عن تحاليل سياسية:
عرض كتاب


 تقييم المقال
المعدل: 2.55
تصويتات: 148


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ


 خيارات

 صفحة للطباعة صفحة للطباعة