بوابة الخيمة

editor

تحاليل سياسية
الحاجة الى تطابق النفوس مع النصوص بعد اتفاق مكة
هاني المصري



بعد يومين من الحوار الفتحاوي- الحمساوي على أرض مكة المكرمة، وفي ظل رعاية سعودية، تم توقيع الاتفاق الذي يشمل الشروع في إحياء وتفعيل منظمة التحرير وخطاب التكليف لرئيس حكومة الوحدة الوطنية، وعلى البرنامج السياسي وتوزيع الحقائب، وهذا يدل على أن جولات الحوار العديدة السابقة وحوار السلاح أدت الى جعل المتحاورين والمتقاتلين أكثر واقعية وأكثر رؤية للنتائج الكارثية التي سيصل اليها الوضع الفلسطيني إذا استمرت الامور على ما هي عليه.

أهمية اتفاق مكة تكمن في أنه سيشكل في الحد الأدنى هدنة تحقق السلام الداخلي الفلسطيني ولو مؤقتاً، بما ينهي حالة الاحتراب التي وصلت في أكثر من مرة الى حد اندلاع اشتباكات عنيفة أدت الى سقوط المئات ما بين قتيل وجريح، وطغيان التحريض المتبادل.




وإذا أردنا قراءة الاتفاق حسب المعلومات المتوافرة حتى الآن سنجد أنه أقرب الى صيغة لا غالب ولا مغلوب. فحركة «فتح» تنازلت في جوانب عدة أهمها:

1- الموافقة على تولي حركة «حماس» رئاسة الحكومة وتسع حقائب وزارية أخرى إضافة إلى تسمية ثلاثة من الوزراء المستقلين الخمسة. وهذا يعطي «حماس» أغلبية تمكنها من التأثير على الحكومة وإسقاطها إذا ارادت، وهذه الأغلبية تعكس الأغلبية التي حصلت عليها في المجلس التشريعي.

2- الموافقة على صيغة ستلتزم بها الحكومة القادمة تنص على احترام التزامات المنظمة وقرارات القمم العربية والشرعية الدولية، وهي صيغة أقل من الالتزام بالاتفاقيات والقرارات وأعلى من صيغة احترام التي كانت تتمترس خلفها «حماس» طوال الفترة الماضية.

3- الموافقة على الشروع في الخطوات الرامية الى إعادة بناء وتفعيل وإصلاح منظمة التحرير بحيث تضم الفصائل التي لا تزال خارجها.

السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يستطيع اتفاق مكة أن يحقق الهدف الرئيسي لأية حكومة فلسطينية قادمة وهو فك الحصار المالي والعزلة الدولية المفروضين على حكومة «حماس» منذ تشكيلها حتى الآن؟

إذا أخذنا المواقف الدولية، خصوصاً الاميركية والاسرائيلية، عشية اتفاق مكة، فإننا سنجد ان هذا الاتفاق لن يستطيع أن يؤدي إلى كسر الحصار، بل ستسارع الادارة الاميركية الى مطالبة الحكومة القادمة بتلبية شروط اللجنة الرباعية بصيغة لا تقبل التأويل وكذلك ستفعل اسرائيل. وهنا يجب أن نلاحظ بالنسبة للحصار ثلاث نقاط مهمة:

النقطة الاولى: إن الحصار لم يعد كما كان في بدايته فهناك اختراقات كبيرة قد حدثت بدليل أن الأموال العربية التي تلقتها السلطة في العام 2006 تقارب ضعف الاموال التي تلقتها عام 2005، والأموال التي تلقتها السلطة من المجتمع الدولي العام 2006 أكثر بنسبة 30 بالمئة عن العام 2005، وهذا يسمح للحكومة والرئاسة بتسديد نسبة من الرواتب تصل في محصلتها الى أكثر من 50 بالمئة من مجموع فاتورة الرواتب. والنقص الحادث يعود أساساً إلى مصادرة الأموال الفلسطينية المحصلة من الجمارك في اسرائيل والتي وصلت الى 600 مليون دولار.

النقطة الثانية: يجب ملاحظة إن اتفاق مكة تم التوصل في السعودية وبرعاية كاملة من العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز واستعداد كامل لتسويقه من قبله ما يعطي الاتفاق غطاء ودعماً عربياً سيشمل الدول العربية كافة. وهذا كان شرط الرئيس أبو مازن حتى يقبل باتفاق لا يتضمن إقرار الحكومة القادمة بشروط اللجنة الرباعية.

النقطة الثالثة: إن الموقف الاميركي يريد أن يعطي اهتماماً أكبر للقضية الفلسطينية وهو يواجه مأزقاً متصاعداً داخلياً. وهذا الواقع يجعل الادارة الاميركية مقيدة فهي إذا أخذت مواقف قصوى تقضي بمقاطعة الحكومة القادمة ستزيد من مأزقها في المنطقة وتسرع في هزيمة استراتيجيتها الجديدة، وإذا تراخت وتعاملت مع الحكومة الجديدة ستحرج حليفتها الاولى اسرائيل. وإدارة بوش قد تختار موقفاً أقل من المقاطعة الكاملة وأكثر من التعامل الكامل، فهي ستعارض الحكومة وتضعها تحت الاختبار. وإذا توقفنا عند الموقف الاسرائيلي فهو سيرفض في الغالب التعامل مع حكومة لا تلبي الشروط الاسرائيلية التي أصبحت دولية. وستحاول حكومة اولمرت ان تستخدم الاوراق التي في يديها والتي تبدأ بالاحتلال والعدوان ولا تنتهي بالأسرى والنواب والوزراء المخطوفين.

إن الأمر الأهم من توقيع الاتفاق، توفر الارادة اللازمة لتنفيذه، وهذا لن يكون إلا عندما يطابق ما في النفوس ما في النصوص. وعندما يقتنع كل طرف بأنه لا يستطيع أن يتجاوز الطرف الآخر ولا هزيمته، لا بالحرب ولا بالسلم وأن الشراكة باتت ضرورة لا يمكن تجاوزها ما دامت هناك قوتان رئيسيتان بينهما نوع من توازن القوى الذي يجعل الصراع المسلح دماراً عليهما.


 
 روابط ذات صلة
· زيادة حول تحاليل سياسية
· الأخبار بواسطة editor


أكثر مقال قراءة عن تحاليل سياسية:
عرض كتاب


 تقييم المقال
المعدل: 2.5
تصويتات: 2


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ


 خيارات

 صفحة للطباعة صفحة للطباعة