بوابة الخيمة

editor

تحاليل سياسية
الأقصى والغضب الأعمى
ياسر أبو هلالة

يدرك الإسرائيليون جيدا حساسية المسجد الأقصى بالنسبة للفلسطينيين بخاصة والمسلمين بعامة. ولذلك لا يتورعون عن استفزاز مشاعرهم. ليس بهدف تثويرهم وصنع انتفاضة أقصى جديدة وإنما من باب التأكد أن "ما لجرح بميت إيلام". فالشارع العربي منهك محبط، والنظام العربي مشغول بمخاطر أخرى غير التي تهدد المسجد الأقصى. والأميركيون معنيون بخطة أمن بغداد المزمعة.

الساسة الإسرائيليون ينحون باتجاه التصعيد والتطرف، فهما الطريق الأسهل للشعبية. وهو ما حصل مع شارون عندما انتهك حرمة المسجد الأقصى. فتلك الخطوات الآثمة هي التي قادته إلى رئاسة الوزراء. والفراغ القيادي الذي يعاني منه الإسرائيليون يمهد الطريق لقيادات متطرفة جديدة.






إذا كان الإسرائيليون متطرفين، فما بال العرب والمسلمين يزدادون اعتدالاً؟ الواقع العكس. فالشارع العربي والإسلامي لا يقل تطرفا عن الإسرائيليين مع فارق بسيط؛ أن الإسرائيليين يجرون انتخابات والعرب لا يجرون. وحتى عندما تعكس الانتخابات الغضب الموجود في الشارع - كما حصل في الانتخابات الفلسطينية- يتم تجاوز المنتخبين والتعامل مع الأمر الواقع "المعتدل".
الكرة اليوم في مرمى معسكر "الاعتدال" المسنود أميركيا. ما هو التعامل الحكيم مع العدوان الجديد؟ في التاريخ القريب أُسست منظمة المؤتمر الإسلامي على خلفية إحراق المسجد الأقصى. اليوم هل يمكن أن يتداعى وزراء خارجية المنظمة لاستنكار الفعلة الإسرائيلية؟ حتى وزراء الخارجية العرب لن يجتمعوا. الطموح اليوم أن يجتمع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس برئيس وزرائه إسماعيل هنية لإظهار وحدة الموقف الفلسطيني. وهو طموح مرهون بنتائج اجتماع مكة بين عباس وخالد مشعل.

وللتذكير فإن الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات رفض التوقيع على كامب ديفيد بسبب المسجد الأقصى، في حينه أظهر الإسرائيليون نواياهم الحقيقية تجاه المسجد. فما تحت الأرض وما فوقه لهم. وانتهى الأمر بأن يكون أبو عمار تحت الأرض بعد رفض التوقيع.

قوى "التشدد" العربي والإسلامي لا تملك إمكانية الرد. فلسطينياً من الصعب إطلاق صواريخ القسام، والأصعب أن ينجح استشهادي في الوصول إلى تجمع إسرائيلي. حزب الله وعلى رغم شعاره البير "يا قدس إنا قادمون" فإن الواقع اللبناني اليوم يجعل هامش حركته محدودا. هؤلاء من يملكون سلاحا، أما الشارع العربي والإسلامي غير المسلح فلا يملك إلا أن يملأ الدنيا ضجيجاً دون أن ينجح في تحريك الموقف الرسمي.

مم يخش الإسرائيليون إذن؟

لا شيء منظوراً. الخشية وبحسب القاعدة الذهبية لسلاح الجو الإسرائيلي "إحذر مم لا تراه". العالم اليوم يشبه الأجواء التي سبقت الحادي عشر من سبتمبر. قبيل التفجيرات التي غيرت وجه التاريخ البشري، وفي حوار مع دبلوماسي أميركي حول الانحياز الأميركي إلى جانب إسرائيل في غضون انتفاضة الأقصى، قال إنه لا يستطيع النظر في وجوه الناس في المنطقة، لكن في النهاية لا يوجد دبابات في الشوارع. أي أن مشاعر الكره تجاه الأميركيين لا تعني شيئاً ما دامت في الصدور. جاءت التفجيرات لتثبت بأن ثمة شقوقاً غير متوقعة ولا منظورة ممكن أن يتسرب منها الغضب.

أما مهدئات الحديث عن حل نهائي يشمل القدس، فتلك أقاويل لا يصدقها أحد. "الغضب الساطع آت" وإذا كان العالم غير قادر على ضبط المجانين الإسرائيليين فعليه أن يتحمل مسؤولية المجانين في الطرف الآخر.

وعالم يصدر قوانين تجرم من يشكك في المحرقة اليهودية ويغض الطرف عن انتهاك مقدسات المسلمين، عليه أن يتعامل مع نتائج الغضب الأعمى. أما الغضب المبصر والواعي فذلك يكون في دول ومجتمعات حية.


 
 روابط ذات صلة
· زيادة حول تحاليل سياسية
· الأخبار بواسطة editor


أكثر مقال قراءة عن تحاليل سياسية:
عرض كتاب


 تقييم المقال
المعدل: 2
تصويتات: 1


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ


 خيارات

 صفحة للطباعة صفحة للطباعة