هذه الثقافة السائدة
إبراهيم الحيدري
ثمة حقيقة سوسيولوجية هي ان إشكالية المثقف لا تنفصل عن إشكالية الثقافة السائدة، التي بدورها لا تنفصل عن إشكالية المجتمع وأزمته وتأزمه، فهناك علاقة عضوية وجدلية تربط بين المثقف والثقافة وبينهما وبين المجتمع.
فإذا كان الأفراد في تجمعهم وتعاونهم وتنافسهم وتفاعلهم يكونون المجتمع، فان طرائق تفكيرهم وعملهم وشعورهم وسلوكهم تكون ما نسميه الثقافة، التي هي في الوقت ذاته، الوجه الآخر للمجتمع. أما المثقف، فهو كل من ساهم ويساهم في إنتاج المعرفة الثقافية، من أدب وشعر ورواية وفن وفلسفة وعلوم إنسانية وطبيعية وغيرها، باعتباره عضواً في مجتمع ويكتسب معرفته وثقافته وسلوكه منه.
وإذا كان المثقف عضواً في المجتمع، فليس من الضروري أن يمثل طبقة معينة، فالمثقفون عموماً ينتمون الى فئات وشرائح وطبقات اجتماعية مختلفة، ولكن ما يجمعهم هو كونهم «منتجي ثقافة» وتتحدد وظيفتهم بالدور الريادي الذي يقومون به في الدفاع عن حرية الفكر وازدهاره ومساهمتهم الفاعلة في عملية توعية وتنوير الأفراد وإخصاب معارفهم وتوسيعها مثلما يتحدد دورهم في نوع الثقافة التي ينتجونها ويطورونها وينقلونها إلى الآخرين، وكذلك الكلمة التي يبدعونها والمسحة الجمالية التي يضيفونها إلى عملهم الثقافي التي تضفي عليه «هالته» وأصالته وفرادته.