"النهار"
الاثنين 20 كانون الثاني 2003
مساهمة في الجدال حول وثيقة المثقفين الاميركيين:
الحـاجة الى تحـوّل جـذري في طـريقـة التفكيـر
شبلي الملاط
تعريفات ومنهجية
يمكن المرء أن يجد عدداً كبيراً من نقاط التوافق او الخلاف في المنطق والصيغ التي اختارها صانعو السياسة او الاكاديميون في وثيقة "ما نكافح من أجله". ويقدّم هذا الرد وجهة نظر من داخل الشرق الاوسط، ويهدف الى اداء دور القصة المضادة، لا الى أن يمثّل محض بيّنة (1). وهو يدعو الى تحوّل جذري على صعيد طريقة التفكير الاميركية في سياسة الحكومة الاميركية في الشرق الاوسط: وذلك على المستوى القانوني، بعيداً عن الحرب على الارهاب، وعلى المستوى الجوهري، بعيداً عن دعم القادة الذين يعتمدون على الولايات المتحدة للاستمرار في سياسات تتناقض مع القيم الانسانية الكونية (والاميركية).
إن وجهة النظر التي يصدر عنها هذا الرد شرق اوسطية. وعلى نحو متناقض، تختلف طبيعة الردود الصادرة عن أندونيسيا او نيجيريا بصفتهما دولتين اسلاميتين في شكل رئيسي، وتقع تلك الردود خارج نطاق تفكيرنا الأضيق جغرافياً. فمأساة 11 ايلول وآلاف الابرياء الذين قُتلوا في نيويورك والعنف الذي عمّ إثر ذلك وتسبب بدوره بقتل عدد كبير من الابرياء، جميعها أمور يجب أن تُحلّل بدقة من منظار "الطابع الشرق الاوسطي" لنزاع طغت عليه منذ ذلك الحين صفة استخدام القوة (2).
وواقع أن الرسالة تشكّل في الدرجة الاولى مبادرة من جانب شرق اوسطيين عرب لا يستثني احتمال رغبة "مواطنين" آخرين من المنطقة في تأييدها كلياً او جزئياً. ونأمل في نيل هذا التأييد من جانب اشخاص من كل حدب وصوب، من داخل اميركا والشرق الاوسط او اي مكان آخر. اذ يمكن هذا الرد أن يكون حاملاً رأي الايرانيين والاتراك والاكراد ايضاً او حتى الاسرائيليين، الخ... وذلك بسبب انتمائنا الجيوسياسي المشترك، لكن من الطبيعي أن تقسم وجهة نظرهم بفوارق ومشاغل مختلفة، رغم اننا نأمل في أن تحمل هذه المساهمة اصوات عدد كبير منهم.
ويبغي هذا التأمل أن يكون طموحاً، والسؤال الذي يجدر بزملائنا ما وراء الاطلسي السعي الى الاجابة عنه بعد النظر في ردنا هو ما اذا كانوا قادرين على تأييد منطقه واستنتاجاته، وفي حال النفي، لمَ لا؟ فمعظم ما يقولونه مقبول بكل رحابة صدر، رغم أن بعض العناصر المهمة ليست كذلك. ونظراً الى مدى خطورة الوضع الحالي، تختار هذه المساهمة التركيز على نقاط الخلاف بدلاً من نقاط التقارب (3).
شملت الرسالة المذكورة، بالاضافة الى قسم متمحور حول القيم "الاميركية"، تعليقات موسعة على موضوعي الدين والدولة، وعلى استيفاء شروط الحرب العادلة من لجوء الحكومة الاميركية المستمر الى استخدام القوة.