بوابة الخيمة

editor

ملفات ساخنة في الطريق من أربيل الى بغداد!

احمد الزاويتي/ صحفي كردي

كردستان العراق

في الطريق الى بغداد، التي لم أزرها منذ 13 سنة، وعودتنا منها ، كانت مظاهر الحزن بادية على وجوه من تلقاه من البسطاء والاهالي الذين كنا نراهم أو نلتقي بهم، لم يكن الحزن ذلك الحزن الموروث في نفسية العراقي، كحزن حرب ايران، أو حزن غزو الكويت، أو حزن الأنفال وحلبجة، بل هو حزن على احتلال البلاد والعباد، وإذا كانت هناك تتواجد مظاهر سعادة مباحة على وجوههم من زوال النظام لكنها كانت مخفية تحت ذلك الحزن..

فأبو عمران علي البالغ من العمر 38 عاما وهو من سكان بغداد ركب معنا السيارة من أربيل، ملامح الحزن تخترق قلبه، كنت اشعر وأنا أراه بأنه فقد اثمن شيء في الحياة،

لم ابادئه بالكلام، الى ان نزلنا في طوز خورماتو بين بغداد وكركوك، وصلى في مسجد بمطعم الاستراحة هناك، وجهت اليه بعض الاسئلة حول الوضع في بغداد..

قال ابو عمران (بغداد خراب على خراب، دمر كل شيء..) قالها وكأن اشعة من نار تبث من عينيه.. وعندما قلت له من دمرها قال: (حثالة العراقيين تحت اشراف الامريكان وصمت المخلصين)

امام مرأى المحتلين تنقل السيارات الى ايران

وفي الطريق كنا نرى ارتالا طويلة من سيارات لاندوكروز موديل (مونيكا 2002) وسيارات تويوتا نيسان جديدة، وأخرى (بيكب دبل قمارة) وهي تتجه نحو الشمال، ظننا أنها لمسؤولين أكراد راجعين من بغداد، ولكن قال لنا ابو عمران ( لا، هذه ليست سيارات المسؤولين، هذه السيارات المسروقة، تؤخذ للشمال) وكان معنا شيرزاد مواطن وهو كردي من رانية بادرنا قائلا ( نعم تؤخذ الى الشمال ومنها الى ايران ) كيف عرفت ذلك؟ اجاب شيرزاد ( مدينتنا رانية – بلدة قريبة من الحدود الايرانية ـ مليئة بهذه السيارات وهي تؤخذ على وجبات وبمبالغ معينة وتباع للايرانيين!) وعندما وصلنا بغداد التقينا بأحد الذين ذهب إلى هذه الاسواق لينقل لنا المشهد، (سيار) وهو من أهالي الشمال يتواجد منذ ثلاثة اسابيع في بغداد، فاتحناه بالقول ماذا تعلم عن هذه التجارة فقال : ( كانت تباع سيارة لاندوكروز مونيكا، او بيكب (دبل قمارة) موديل 2002 بـ 2000 دولار ثم ارتفع السعر الى 2500 واليوم كان 3000 دولار) طيب وكيف يمكن نقلها الى الشمال؟ اجابنا : ( تعمل لها اوراق ثبوتية حسب الاصول وكذلك رقم مسجل في المرور) كيف وهل هناك دائرة مرور ( أخي عن يا دائرة تتكلم، نقصد ختم المرور والاوراق الرسمية التي تباع في سوق الثورة في بغداد واسواق اخرى ) تقصد تزوير؟ ( نعم تزوير!) اليست هناك نقاط تفتيش أمريكة تمنع خروج هذه السيارات من بغداد: ( لا نقاط تفتيش ولا هم يحزنون ) ولا كردية : ( ولا كردية!) طيب وماذا يعمل بهذه السيارات؟ ( الامر بسيط جدا، أما تباع الى ايران بمبالغ اضعاف ما يشترونه من هنا، أو تبقى هناك الى ان تستقر الامور ثم تصبح أمرا واقعا كما حدث لسرقة سيارات الكويت عام 1991) وممن تشترى هذه السيارات؟ اجابنا سيار : ( هناك نوعان الاول هم من رجالات الحكومة العراقية الذين استلموا هذه السيارات هدايا من الحزب، حيث يبيعونها خوفا من سراق يأخذونها منهم أو يقتلون بسببها، والثاني هم من السراق الذين أخذوها في ايام السلب والنهب على بغداد)

في الأسواق استمعت لحوار يجري بين مارين بدا عليهما أنهما جاءا من خارج بغداد.. - ألا تشتري سيارة..

- ولكن ليس عندي إجازة سوق..

- هل تعرف السواقة؟

- قليلا..

- لا مشكلة تشتري سيارة، وتعمل لك إجازة سوق بـ10 الاف ( تعادل 3 دولارات)

- منذ سنين لم استطيع الحصول على الاجازة..

- الآن ستحصل عليها بكل سهولة..

أزمة حياة في وسط بغداد

وعندما نزلنا في بغداد، نزل معنا أبو عمران مع ولده عمران، وقال: (لابد ان أرافقكم لاننا اقتربنا من الغروب، والأوضاع غير آمنة) طلبنا منه العودة، ولكنه خوفنا من ان يمسك بنا بعض السراق ويأخذون منا كل شيء، أجرنا تاكسي لتأخذنا الى ما نريد، راينا بغداد لا شيء سوى مدينة خربة، تعيش في فوضى لم تشهد له مثيلا طوال تاريخها الطويل، حيث الدوائر مهدمة او منهبة ليست فيها شيء، ولا حظنا في الصباح ازدحامات كثيرة أمام بعض الدوائر، وهم كانوا موظفين التحقوا بدائرتهم ولكن لتسجيل الحضور فقط أمام الخراب المهدم، عسى ان يصرف لهم رواتب من قبل التحالف، وايضا كانت هناك مظاهر املاء استمارات موزعة من قبل التحالف لتعيين الموظفين، أما تقاطع المرور فسببت مشاكل كثيرة حيث لا هناك قانون ولا التزام باشارات فيما اذا كانت هناك اشارات، وكذلك ارتال للسيارات كانت تصل لمسافة كيلومترات عدة بين كل منطقة وأخرى كل اولئك كانوا ينتظرون دورهم لتسليم حصة 25 لتر من البنزين بين كل ثلاثة ايام وأخرى، أما قناني الغاز المسال والتي هي الوقود الرئيسي للاسرة العراقية، فانعدمت تماما الى درجة ان المكان الذي نزلنا فيه كضيوف، اعتذر عن تقديم الشاي لنا لعدم توفر الغاز!

في سيارة التكسي حاورت السائق، عن الاوضاع، لم يكن يختلف بموقفه عن أبي عمران، فقال (أمام عيني وفي عز النهار تقدم لص ووجه مسدسه لاحد المارين طالبا منه اخراج ما في جيبه، فلما اعترض أطلق رصاصة على فخذه، وأخرج ما في جيبه ومر!) ومن يكون اللص؟ أجاب : (ومن تريد أن يكون؟ اصبحت بغداد مجمعا للصوص..) الا يستطيع أحد منع هذه المظاهر؟ قال السائق : ( الآن في بغداد المنطق هو منطق الفوضى والغوغائية، فقط للعقل لا مكان )

احمد الزاويتي/ صحفي كردي

كردستان العراق


 
 روابط ذات صلة
· زيادة حول ملفات ساخنة
· الأخبار بواسطة editor


أكثر مقال قراءة عن ملفات ساخنة:
اللاجئون والبيض الفاسد - عبد الباري عطوان


 تقييم المقال
المعدل: 3.58
تصويتات: 58


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ


 خيارات

 صفحة للطباعة صفحة للطباعة